الحســاب المفتــوح
"الحساب المفتوح" أو "حرب الأيام الخمسة" معركة بطولية خاضها مجاهدو كتائب القسام في التصدي لجيش الاحتلال ولقواته الخاصة ضمن حملته المسعورة ضد المدنيين والمسماة "الشتاء الساخن"، بدأت هذه الحملة الصهيونية صباح يوم الأربعاء 20 صفر 1429هـ الموافق 27/2/2008م وذلك باستهداف مجموعة من كتائب القسام في منطقة خانيونس، وانتهت الحملة بانسحاب الجيش الصهيوني من منطقتي جباليا والتفاح صباح يوم الثلاثاء 25 صفر 1429هـ الموافق 4/03/2008م.
أهداف حملة "الحساب المفتوح" لكتائب القسام:
· إفشال حملة الشتاء الساخن وذلك باستمرار إطلاق الصواريخ رغم التصعيد العالي.
· تكريس مبدأ الرد القسّامي على أيّ عملية اغتيال ضد مجاهدينا.
· إيصال رسالة بتوسيع دائرة الاستهداف لمناطق العدو كلما زاد من شراسته في العدوان.
قوات العدو الصهيوني الغازية:
· كتيبة شكيد وكتيبة الدورية التابعة للواء جفعاتي، والكتيبة (9) من المدرعات وقوة من الهندسة. والتي توغلت بـ (6) جرافات D9، و(4) شاحنات مان، و(3) جيبات همر، ومدفعيتين من نوع M109، و(25) دبابة ميركافا وناقلات جند.
· القوة الجوية وتتكون من طائرات F15 و F16 المقاتلتين ، ومروحيات الأباتشي، وطائرات بدون طيار من طراز "ريسيتشير" وطائرة لنقل وإخلاء الجرحى من الخطوط الخلفية الحدودية، وطائرات استطلاع ومراقبة.
· كما ضمت القوة المتوغلة وحدة "سييريت متكال" والتي توصف في الكيان الصهيوني بأنها أكثر وحدات الجيش نخبوية، وتتبع مباشرة رئاسة هيئة أركان الجيش. إضافة إلى وحدة "الكوماندو البحرية"، وعلى الرغم من أن عملها في المجال البحري، فإنها تتولى تنفيذ الكثير من العمليات البرية، كما انضم لهذه القوة الصهيونية المتوغلة وحدتا "شيلداغ" و"إيجوز"، وهما وحدتان خاصتان تشكلتا خلال حرب لبنان كوحدات نخبة لمواجهة مقاتلي حزب الله اللبناني ومن ثم مقاتلي حماس في غزة.
التكتيك القسامي في مواجهة قوات الاحتلال المتوغلة:-
في مواجهة هذه الترسانة العسكرية الصهيونية عمدت كتائب القسام إلى ترتيب صفوفها، واستخدمت في مواجهة العدو تكتيكات عسكرية جديدة مثَّلت عنصر المفاجأة في هذه المعركة، والتي تحققت بإطلاق صواريخ تصل إلى شمال عسقلان للمرة الأولى، إضافة إلى الكمائن المسلحة ومفاجأة العدو في المكان والزمان الذين لا يتوقعهما العدو، وتلخصت هذه العمليات في إطلاق (194) صاروخاً من طراز القسام، وإطلاق (487) قذيفة هاون، و(16) قذيفة RPG المضادة للدروع والأفراد، كما تم تفجير (9) عبوات أرضية وجانبية، إضافة إلى قنص ( 9 ) من جنود الصهاينة، وخاض مجاهدو القسام خلال هذا التوغل نحو (13) اشتباكاً وكميناً مسلحاً سنفصِّل أبرزها في ثنايا هذا الملف. وفي هذا السياق من المفيد أن نفصّل عناوين هذه العمليات ضمن الخلاصة التالية:-
- صواريخ القسام : سيظل هذا السلاح هو السلاح الأصعب على الكيان الصهيوني لما يحمله من صعوبات ومخاطر علي الأمن الصهيوني وذلك بضرب الجبهة الداخلية الصهيونية، وخلال الحملة وعلاوة علي تركيز القصف علي جميع التجمعات الصهيونية المحيطة بغزة وخاصة اسديروت - ومغتصبات "نتيف عتسرا" و"ناحل عوز" و "مفتاحيم" و " كيسوفيم" و"معبر ايرز" - تم ضرب مدينة عسقلان واستهدافها بعدة صواريخ مما أدي لتغيير معايير الحملة الصهيونية وفرض رؤى وأهداف جديدة مما أدى إلى إرباك العدو، وتلقائياً تم تغيير الخط العسكري للحملة الصهيونية مما أنشأ وأثبت معادلة جديدة في توازن الرعب مع العدو الصهيوني.
- كثافة قذائف الهاون: لأول مرة يشهد العدو الصهيوني وخلال اعترافات جنوده ومحلليه العسكريين والسياسيين بتأثر سير الحملة بقذائف الهاون التي تم ضربها علي عدة تجمعات لقوات وآليات صهيونية ومنها:
· مواقع وتجمع الآليات ونقاط التحشد علي المعابر والحدود.
· تجمعات وأماكن تحرك القوات الصهيونية الراجلة.
· ضرب خطوط الإمداد والمعونة والمساندة للقوات الغازية.
· ضرب جميع المواقع العسكرية للقوات الصهيونية علي طول الحدود الشرقية للقطاع لمشاغلتها وعدم إيجاد الفرصة المناسبة لتقديم العون للقوات الغازية داخل جباليا والتفاح.
- عمليات القنص المباشر: وفيها حقق أبناء القسام وعياً وتكتيكاً عسكرياً بدلالة عدم استهداف أي فرد من وحدة القنص من قبل العدو الصهيوني، فيما استهدف أبناء القسام (9) من جنود العدو وتم اعتراف العدو الصهيوني بمعظمها.
- الاشتباك المسلح: وفيها كان الاشتباك مع القوات الصهيونية الخاصة وجهاً لوجه مع أبناء القسام ومما يدل على شدة وضراوة القتال مع أبناء القسام التصريحات الصادرة عن الجنود المشاركين في التوغل وما تحدثوا به بعد انسحابهم.
- الدفاع الجوي القسامي: حيث تصدَّت وحدة الدفاع الجوي في كتائب القسام للطيران الصهيوني وأخَّر هذا الاستهداف الإسعاف لجرحى العدو الصهيوني لساعات، فيما اعترف العدو الصهيوني بإصابة طائرة هيلكوبتر من نوع أباتشي بعد أيام من هذه الحملة.
- الكمائن المسلحة: أبرز الكمائن كان في كمين مسلح في جباليا ( منطقة الكاشف ) وهو يمثل بداية التوغل الصهيوني وفيه تم تحقيق خسائر فادحة في العدو وأوشك جند كتائب القسام على أسر جنود صهاينة.. وفيما يلي تفاصيل هذا الكمين حسْب الرواية القسامية..
خسائر العدو الصهيوني خلال هذه الحملة:
· خسائر خلال التوغل: العدو تكتم على خسائره الحقيقية حيث اعترف فقط بمقتل اثنين من الصهاينة وهما " دورون اسولين وعيران دان غور " وجرح (11) آخرين خلال عمليات التوغل في قطاع غزة وهذا ما اعترف العدو به وأخفي الكم الكبير من قتلاه وجرحاه وللعلم فإن ما أكده مجاهدو القسام وما أكده الجنود الصهاينة بعد الانسحاب يدلل علي عظم وفداحة خسائر العدو الصهيوني الغازي وحسب المعلومات الواردة من وحدات المجاهدين التي خاضت الاشتباكات خلال التوغل وحسب ما أكده المكتب الإعلامي لكتائب القسام فإن خسائر العدو تقدر بـ (5) قتلى على الأقل وأكثر من (30) جريحاً صهيونياً.
· خسائر العدو بقصف المغتصبات: اعترف العدو الصهيوني بمقتل مغتصبة وجرح العشرات (40 تقريباً) خلال القصف القسامي للمغتصبات الصهيونية وفي مقدمتها مغتصبة "سديروت" وعسقلان علاوة علي إصابة عدة منازل داخل المغتصبتين.
تضحيات الشعب الفلسطيني وكتائب القسام:
هذه الحملة الصهيونية والتصدي لها وما تبعها من غارات صهيونية غادرة وحتى 5/3/2008م أسفرت عن استشهاد (132) فلسطينياً، بينهم (66) طفلاً فيما بلغ عدد الجرحى (370) بينهم (92) طفلاً، وثلاثة مسعفين وثلاثة صحفيين. أما شهداء كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال معركة الحساب المفتوح فبلغ (40) مجاهداً قسامياً
بطولات سطَّرها مجاهدو القسام في معركة "الحساب المفتوح":
وجهاً لوجه: قام اثنان من مجاهدينا بالتصدي لثلاثة جنود من القوات الخاصة كانوا قادمين وبسرعة من آخر شارع أبو شباك، وذلك بمواجهتهم وجهاً لوجه على مسافة قريبة تقدر بعشرة أمتار، حيث كان أحد المجاهدين يحمل قطعة كلاشن والآخر ناتو – عيار جي3، وأفاد شهود العيان بأن أحد الجنود قد قتل في هذا الاشتباك وتم إصابة آخرين.
إصابة مباشرة: وردت معلومات بأن القوات الخاصة تتواجد في محيط منزل يعود لآل دحلان، وعلى إثر ذلك توجه أحد المجاهدين للمكان رغم كثافة طيران الاستطلاع والأباتشي وقام باستهداف المجموعة التي تتواجد بجانب البيت بشكل مباشر بقذيفة (R.P.G). وبشهادة المواطن المطلع على تحركات الجنود أكد أن إصابتهم كانت مباشرة.
صراخ وعويل: قام اثنان من مجاهدينا باستهداف قوة صهيونية في بيارة أبو العدس بـ (10) قنابل. وأصابوهم بشكل مباشر، وقد سمعوا صراخهم.
مقتل جندي صهيوني: تم اكتشاف قوة صهيونية خاصة تعتلي منزل (ك.ط)، فقام اثنان من مجاهدينا بإطلاق النار وبشكل مباشر على المنزل، وحسب مصادرنا الخاصة فقد قتل جندي وأصيب اثنان آخران.
انسحاب الجنود الصهاينة: بعد انقطاع التيار الكهربائي حوالي الساعة الخامسة صباحاً قام أحد المجاهدين باكتشاف قوة صهيونية عبر المنظار الليلي وهي تتوجه من شارع أبو العدس إلى الشارع العام بجوار منزل ناهض عبد ربه، وتقدر بحوالي عشرة جنود فتم إطلاق النار عليهم بشكل مباشر فقامت القوة الصهيونية بالانسحاب.
إصابة "ميركافاه": في تمام الساعة التاسعة صباحاً تقدمت آلية من نوع ميركافاه نحو مسجد صلاح الدين فقام أحد مجاهدينا بتفجير عبوة شواظ3 في الآلية وأصابتها إصابة مباشرة وقد قامت الجرافات بسحبها وعثر على بعض قطعها بعد الانسحاب.
استشهاد معتصم عبد ربه: الشهيد معتصم عبد ربه اشترك مع إخوانه المجاهدين في التصدي للعدوان على منطقتهم وأكد شهود العيان أنه قـَتل هو ومجاهد آخر ثلاثة من جنود العدو وسجد شاكراً لله على هذا وعلى تفجير الميركافاه، وما إن أتم سجوده حتى استهدفه العدو بقذيفة صاروخية فارتقى شهيداً.
استشهاد عبد الرحمن شهاب: بعد نصف ساعة من استشهاد معتصم عبد ربه قام أحد المجاهدين باستهداف ناقلة جند بقذيفة (R.P.G) مما أدى إلى اشتعال النيران فيها وحدوث انفجارات بداخلها وعلى أثر هذا الاستهداف قامت دبابة أخرى بإطلاق قذيفة باتجاه دوار زمو وأدت إلى استشهاد القائد الميداني مسئول الإعلام في الشمال عبد الرحمن محمد شهاب الابن الأكبر للقيادي في حماس محمد شهاب عضو المجلس التشريعي.
بدون ماء أو طعام لمدة 61 ساعة: صباح السبت 1/3/2008م الساعة الثانية صباحاً طلب أمير الفصيل (في كتائب القسام) من مجموعة مرابطة قرب مسجد السلام الانسحاب للخلف وترك الموقع الذي تم إطلاق النار منه خوفاً من استهدافه، وتم الانسحاب إلى أحد الأزقة وتم تكليف أحد الإخوة برصد شارع " القدسي" ومكثوا في نفس المكان طوال فترة الاجتياح بدون ماء أو طعام لمدة (61 ساعة).
بعد عناء وطول انتظار: في تمام الساعة 9.30 صباح الأحد 2/3/2008م تحركت ناقلتا جند من شارع ( الشيخ عيسى حمودة ) تجاه الشارع العام، حيث مكان العبوة الأرضية، وما أن تخطت الناقلة الأولى الشارع وصولاً فوق العبوة الأرضية وذلك بعد عناء وانتظار طويل ومراقبة شديدة، تم تفجير العبوة بشكل ضخم جداً تحت الناقلة، حتى ظن الإخوة أنه صاروخ من طائرة إف 16 .
إن كتائب القسام ومعها كل المخلصين والمدافعين عن ثرى فلسطين الحبيبة سيبقون الدرع الواقي والحصن المنيع أمام غطرسة العدو وتعدياته.. وستبقى راية الجهاد مرفوعة خفاقة حتى تحرير آخر ذرة من تراب فلسطيننا الحبيبة "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً"، وما النصر إلا صبر ساعة.